ابو عبد الله مشرف
الجنسية : الهواية : المهنة : الدوله : الاوسمه : عدد المساهمات : 62 نقاط : 93 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/04/2010
| موضوع: أضواء من الهدي النبوي (4).. الجمعة مايو 14, 2010 9:46 pm | |
| التحذير من الغيبة[2]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
وبعد : فقد ذكرنا في الحلقة الماضية بيانا للمراد بالغيبة وتصويرًا لنكارتها وعقوبة فاعلها في الآخرة , وما أعده الله تعالى من العقاب الأليم لمن خاض في أعراض المسلمين.
وفي مقابل ذلك يتبين لنا جزاء من حمى المؤمنين ودافع عن أعراضهم
كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من حمى مؤمنا من منافق بعث الله ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم , ومن رمى مسلما يريد شينه به جلس يوم القيامة على جسر من جسور جهنم حتى يخرج مما قال " أخرجه أبو داود رحمه الله تعالى من حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه([1]).
فهذا جزاء عظيم لعمل صالح حميد , فالذي يتطوع للدفاع عن أخيه المسلم الغائب ويذب عن عرضه يقيض الله تعالى له ملكا يحميه يوم القيامة , والدفاع عن أعراض المسلمين قد يكون نوعا من الجهاد فيما إذا كان المنتهك لذلك رجلا له هيمنة وقوة , فالذي يبادر إلى حماية عرض أخيه المسلم – والحال هذه – يكون قد دخل في سلك المجاهدين .
وفي هذا الحديث عقاب شديد أليم لعمل سيء سقيم , فالذي يرمي أخاه المسلم بما يعيبه ويسيء سيرته يعاقب يوم القيامة بالجلوس على جسر من جسور جهنم حتى يُخرج نفسه مما قال , ولن يستطيع ذلك لأن الآخرة دار جزاء وليست دار عمل.
والغيبة خلق سيء ذميم ينتج عن ضعف في شخصية المغتاب , حيث لايقدر على مواجهة من يعيبه ببيان مايتصف به من العيوب, فيحاول نشرها في المجتمع لأن ذلك لايكلفه شيئا من عناء المواجهة .
ومن أسباب الغيبة الأساسية وقوع الخلاف وسوء التفاهم بين المؤمنين الذي ينتج عنه سوء الظن, بسبب عدم مصارحة كل واحد من المتخاصمين صاحبه بما يكنُّ له في ضميره , فيفترقان وفي قلب كل واحد منهما شيء من الضغينة على صاحبه , ثم ينمو هذا الحقد في القلب ولايجد له متنفسا بعد ذلك إلا بتلمس عيوب صاحبه ومحاولة إفشائها بين الناس .
ولذلك قرن الله سبحانه النهي عن سوء الظن وعن التجسس الذي يتبع سوء الظن مع النهي عن الغيبة في آية واحدة حيث يقول تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) (الحجرات : 12 )
ومما ينبغي الإشارة إليه أن عمران المجالس العلمية بذكر مادوَّنه علماء الجرح والتعديل في كتبهم من جرح الرواة يعدُّ من الغيبة , خصوصا فيما إذا نُشر ذلك عبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة , فإن هؤلاء الرواة المجروحين لو نُشروا واطلعوا على نقدهم لساءهم ذلك , لكن لو كان ذكر ذلك النقد من أجل التوصل به إلى الحكم على الأحاديث والآثار فإن المقصد من ذلك أسمى من هدف مراعاة شعور هؤلاء المجروحين , لأن ذلك يترتب عليه حماية السنة النبوية .
فليتنبه طلاب العلم الذين يظنون أن تداول ماذكره العلماء من جرح الرواة في المجالس من حفظ العلم واستذكاره , والذين يذكرون ذلك ضمن الترجمة للعلماء على أنه من نشر العلم , فإنه ليس كذلك, وإنما هو من الغيبة ما لم تدعُ الحاجة العلمية إلى ذلك في حال الحكم على الأحاديث والآثار .
أما النميمة فإنها نقل كلام الناس على وجه الإفساد بينهم وهي أشد ضررا من الغيبة , لأن الغيبة قد لاتصل إلى من وقعت عليه, بينما النميمة تصل بين كل الأطراف , وهي سريعة الإفساد للمجتمع, وإحداث الجفوة بين أفراده .
ولأضرار النميمة المفسدة في المجتمع كان صاحبها محروما من دخول الجنة , كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة قتات" أي نمام , أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ([2]).
وللنميمة أثر واضح في نفس من وقعت عليه , فإذا علم بها حزن لذلك , وبدأ في تشغيل عقله في التفكير فيما حدث من صاحبه نحوه .
وقد ينتهي به تفكيره إلى العفو عنه ونزع ما قد يتولد في القلب من الضغينة والحقد عليه , حفاظا على روح الأخوة الإسلامية وطلبا لأجر العفو والصبر , وهذا لا يحدث إلا من أقوياء الإيمان, وقليل ما هم .
وقد ينتهي به تفكيره إلى ترسخ الغل عليه في قلبه فيحدث بذلك إضعاف خطير للأخوة الإسلامية بينهما
ثم إنه قد ينتهي بذلك , وقد يُعمل تفكيره في طريقة الانتقام منه, وهذا يحصل كثيرا لدى المجتمعات الإسلامية التي ينقصها الوعي الديني , فيبدأ بعد ذلك في تتبع عورات أخيه المسيء إليه وتصيد غفلاته ليكيد له , ويبين له أنه أقدر منه على النزال والصراع .
وهنا تحدث المأساة الأخلاقية , حيث يُشغل المسلم عقله في محاولات متكررة للإيقاع بإخوانه المسلمين بدلا من أن يشغله في عمران المجتمع بالخير والسعادة.
وإن المصيبة الكبرى أن مأساة هذين المتنازعين لا تقتصر عليهما, بل يجر كل واحد منهما إلى صفه آخرين ممن له تأثير عليهم, وهنا نجد أن عدوى هذا المرض الخطير تسري في المجتمع وتعمل فيه هدما وإفسادًا .
والنميمة لها أثر فعال في إيلام نفس فاعلها , فهو حينما تصدر منه يبدأ في التفكير في نتائجها السيئة , فيعيش في مرحلة نفسيه صعبة , من محاكمة العقل للنفس على جموحها وانحرافها عن خط الاعتدال , ويبدأ في التفكير في كيفية الخروج من هذا المأزق الحرج , وقد يهديه تفكيره إلى ارتكاب الكذب , والتنصل من فعلته , فيقع في مصيبة أخلاقية جديدة للخروج من المصيبة الأولى.
وماكان أغناه عن ذلك كله لو أنه ألزم لسانه الصمت عن قول السوء وترك مالا يعنيه!
| |
|
رضوى عضو جديد
الجنسية : الهواية : المهنة : الدوله : عدد المساهمات : 54 نقاط : 80 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 19/05/2010
| موضوع: رد: أضواء من الهدي النبوي (4).. الجمعة مايو 21, 2010 8:49 pm | |
| | |
|
ابو عبد الله مشرف
الجنسية : الهواية : المهنة : الدوله : الاوسمه : عدد المساهمات : 62 نقاط : 93 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/04/2010
| موضوع: رد: أضواء من الهدي النبوي (4).. الأحد يونيو 27, 2010 2:54 pm | |
| | |
|